أم هو القصد الوسط كما في آياته : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) (١٧ : ٢٩) ـ (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) (٢٥ : ٦٧) وأعلى الوسط هو إنفاق الزائد عن الحاجة فإنه أقوم القوام بين الإسراف والإقتار (١).
أم هو الغفر كما في آياته : (وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (٣ : ١٥٥) ـ (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) (٤٢ : ٤٠) فالعفو عند الإصلاح هو من أفضل الإنفاق وهو قضية التقوى : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) (٢ : ٢٣٧).
أم هو إمحاء الأثر السيئ ، حين ترى على أخيك سيئ العلم او العقيدة او الخلق او العمل ، بآثارها ، أن تحاول بكل جهدك أن تمحيها ولا تبديها ،
__________________
ـ ويقول العبد اطعمني واستعملني ويقول الابن اطعمني الى من تدعني.
وفيه اخرج ابو داود والنسائي وابن جرير وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالصدقة فقال رجل يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عندي دينار ، قال : تصدق به على نفسك قال عندي آخر قال تصدق به على ولدك قال عندي آخر قال تصدق به على زوجتك قال عندي آخر قال تصدق به على خادمك قال عندي آخر قال أنت أبصر.
وفيه اخرج البيهقي في شعب الايمان عن كدير الضبي قال : أتى أعرابي النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : نبئني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار ، قال : تقول العدل وتعطي الفضل ، قال : هذا شديد لا أستطيع ان أقول العدل كل ساعة ولا ان اعطي فضل مالي ، قال : فأطعم وأفش السّلام ، قال : هذا شديد والله ، قال : هل لك من ابل؟ قال نعم قال : أنظر بعيرا من إبلك وسقاء فاسق اهل بيت لا يشربون إلّا غبا فلعلك لا يهلك بعيرك ولا ينخرق سقاءك حتى تجب لك الجنة ، قال فانطلق يكبر ثم انه استشهد بعد.
(٣) في تفسير العياشي عن الصادقين (عليهما السّلام) العفو هو الكفاف.
(١) نور الثقلين ١ : ٢١٠ علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في الآية قال : العفو الوسط ، ورواه العياشي عن أبي بصير عنه (عليه السّلام).