كَرِيماً) (٤ : ٣١) ثم والكبيرة يعفى عنها بالتوبة ، أم وأخيرا بالشفاعة ، فأين ـ إذا ـ أحاطت به خطيئته ، واين خلود النار؟
الشوط القريب في هذه السفرة النكدة يعني من السيئة أمثال الشرك بالله والتكذيب بآيات الله ، وتحريف كتاب الله (١) ، فمن ثمّ (أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) التي هي من خلفيات تلك السيآت العظيمة!
وقد يعبر عن هذه الحيطة الخليفة ب «السيآت» : (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١٠ : ٢٧) خلودا بخلود وعلى قدره وأثره ، حيث أغشيت كل وجوههم الظاهرة والباطنة بظلمات السيآت : (فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢٨ : ٨٤).
ثم أشواط أخرى في سيئات أخرى مهما كانت صغيرة ، حيث الإصرار فيها دون توبة يجر أصحابها إلى سيئات كبرى حتى ينتهي المسيء إلى تلكم السيآت الكبيرة التي تخلّف إحاطة الخطيئة ، سدا لمنافذ النور والتوبة.
فعلى أية حال ليست كل سيئة بالتي تخلّد في النار ، إنما هي التي تخلّف إحاطة الخطيئة ، فيموت صاحبها محاطا بالخطيئة عقائديا وعمليا ، فطبعا (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
ثم وفي (كَسَبَ سَيِّئَةً) دون «عمل ـ أو ـ اقترف» أمّا شابه ، تلميحة إلى حالة اقترافها ، أنها اجتراح لها بالتذاذ واستساغة كأنها من مكاسب الحياة ، فلو كانت كريهة في قياسه لما اجترحها متحمسا حريصا ، ثم وما تركها تحيط به
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٩٣ في التوحيد بسند متصل عن ابن أبي عمير قال سمعت موسى بن جعفر (عليهما السلام) يقول : لا يخلد الله في النار الا اهل الكفر والجحود واهل الضلال والشرك.