والمصيبة ـ وهي ـ في الأكثر ـ التي توجع الإنسان قل أو كثر ـ قد تكون بما قدمت أيدي المصاب : (فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) (٤ : ٦٢) ـ (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) (١٦ : ٣٤) ـ وأخرى بما كسبت أيدي الناس ظلما : (فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا) (٣ : ١٤٦) ، حيث تجب فيها الدفاع حسب المستطاع : (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) (٤٢ : ٣٩) ، ويجمعهما (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) أنفسكم أو سواكم : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (٤٢ : ٣٠).
والمصيبة ان كانت حسنة فمن الله وان كانت سيئة فمن نفسك وكل من عند الله ، حيث يأذن له تكوينيا مهما كانت غير مأذونة تشريعيا : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا هُوَ مَوْلانا) (٥ : ٤٩) ، وهي تعم كتابة الجزاء هنا ، وكتابة تمشية الإختيار ممن يظلم بما يصيب سواه ، وكتابة الامتحان لمن يرتقي بما يصاب صابرا عليه ف (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) (٥٧ : ٢٣) ، وعلى أية حال (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) صدورا باذنه أيا كان : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً. ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ...) (٤ : ٧٩).
فإذا كانت المصيبة السيئة من عند الله بما كسبت أيديكم أم بما كسبت أيدي الناس أم وابتلاء من الله ، فقضية الإيمان بالله أن تقول عندها (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) مهما وجبت عليك الدفاع والإنتصار ، فإنها لا تطارد كلمة الاسترجاع.