ولم يجزع بهتك ستر فهو من العام ونصيبه» مما قال الله (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (١).
وإن أبلى البلاء للمؤمنين هو في الغيبة الكبرى لصاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، وهو أصدق مصاديق آية البلاء (٢).
ومن هم الصابرون ـ ككل ـ حتى نعرفهم بأجمعهم في صيغة مختصرة؟ :
(الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) ١٥٦.
«مصيبة» هي صفة ل «رمية» وأصلها «رمية مصيبة» فتشمل كل رمية من أيّ رام تصيب الإنسان ، في نفسه او ماله ، أمّا له على أية حال ، وهي تأتي لخير قليلا ولشر كثيرا ، ومن مصيبة الخير إقبال الدنيا على المؤمن بماله ومناله ورئاسته ، فإنها بلاء يصيب على المبتلى بها ان يتخلص عن أوزارها وأوضارها ، ولكن (إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) قد تختصها بمصيبة الشر ، أو يقال إن الحياة العادية بين اقبال الدنيا وادبارها هي قليلة البلاء أو خفيفتها ، فإنما المهم (نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ...) فالعوان بينهما خارج عن تلك البلية.
__________________
(١). مصباح الشريعة قال الصادق (عليه السلام) في كلام طويل : ...
(٢) نور الثقلين ١ : ١٤٢ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : ان لقيام القائم (عليه السلام) علامات يكون من الله عز وجل للمؤمنين ، قلت : وما هي جعلني الله فداك؟ قال : ذلك قول الله عز وجل (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) يعني المؤمنين قبل خروج القائم (عليه السلام) (بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) قال : (لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ) من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم (وَالْجُوعِ) بغلاء أسعارهم ، (وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ) قال : كساد التجارات وقلة الفضل ونقص من (الْأَنْفُسِ) قال : موت ذريع ونقص من (الثَّمَراتِ) لقلة ريع ، يزرع (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) عند ذلك بتعجيل الفرج ، ثم قال يا محمد! هذا تأويله ، ان الله عز وجل يقول (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ).