يكون في الحرم ولا يكون في الكعبة ، ولا يكون في الكعبة حتى يكون في الحرم» (١) ولذلك الإسلام ميّزات عن مطلق الايمان وسمات ، فلا يلبس الإسلام بظلم أو مشرك مهما لبسهما الإيمان : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ) (٦ : ٨٢) (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ).
ولقد قورن مطلق الايمان بمقارنات الظلم والشرك والفساد والعصيان ، ولم يقارن بشيء منها ذلك الإسلام ، فلذلك يعدّ من ميّزات المرسلين دون الإيمان فانه لكل المؤمنين بدرجاتهم.
لذلك يطلب الخليل الى ربه الجليل ان يجعله وإسماعيل مسلمين له ، بعد كل درجات الإيمان ودرجات من الإسلام.
ثم يتطلّب من ربه (وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا) ذريتي من إسماعيل (أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) وهم أهل بيت الرسالة المحمدية ، فالرسول فيهم هو محور الدائرة ، وذووه المعصومين هم الأشعة ، فلأن ابراهيم تطلّب لهم أصل الإسلام لا درجته ، لم يمنع سؤاله أن يكون محمد أوّل المسلمين.
ولقد أسلم إبراهيم لدرجة قبل هذا الوقت : (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (١٣١) ثم يتطلب بعده إسلاما أرقى (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ...) فهو كما الإيمان درجات : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا ...)
ولو أنه إسلام قبل الايمان أم إسلام الإيمان ، لم يكن يسأله من ربه ، بل كان يفعله لأنه من فعله ، فإنما الإسلام المسؤول هنا هو قمة التسليم بما آمن وأسلم ، توفيقا من الله.
__________________
(١) في الكافي عن سماعة عن الصادق (عليه السلام) : ...