ذلك هو كيان جعل البيت في الإساس ، يجمعها (قِياماً لِلنَّاسِ) : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ) (٥ : ٩٧) ومباركا وهدى للعالمين : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ...) (٣ : ١٦).
و «الناس» كل الناس هم المحور الإساس في مثابة البيت وأمنه والقيام فيه وبركته وهداه ، مما يلمح أن الحج فريضة إنسانية تصلح الحيوية الجماهيرية.
«وأمنا» هنا دون «آمنا» كما ل (مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) مما يدل على خالص الأمن والسلام فيه ، أمنا في شرعة الله اكثر من كل بيت ، وأمنا واقعيا ليس في ايّ بيت ، مهما يوجد فيه خلاف الأمن من متخلفين ، ولكنه اقل بكثير من غيره على طول الخط.
والبيت هنا «مثابة وأمنا» لا يخص الكعبة المباركة ـ مهما كانت هي الأصل فيهما ـ بل والمسجد الحرام والحرم كله كما (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) و (حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) تشهد على هذه الشمولية.
ثم (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) تأمر الحجاج والمعتمرين ـ الطائفين والعاكفين والركع السجود ـ تأمرهم ان يتخذوا من مقام ابراهيم مصلّى أمرا تشريعيا بعد أمنه تكوينا وتشريعا ، فما هو مقامه المأمور باتخاذ مصلّى منه؟.
يأتي مقام ابراهيم في ثانية : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ) (٣ : ٩٧) مما تلمح ـ بين معانيها ـ وتلمع ان (آياتٌ بَيِّناتٌ) كلها مقام ابراهيم ، وقد ذكرنا في مسرحها اثنتي عشرة آية ، من أبرزها ـ المعروف بينها عند الكل ـ هو مقام ابراهيم ـ موضع قدمه من الحجر الموجود في المقام حيث هو الآن ، إذ أثرت