كمثله شيء ، باين عن خلقه وخلقه باين منه ، لا هو في خلقه ولا خلقه فيه ، فليس الكون إشعاء ذاتيا من خالق الكون فانه ولادة وليس خلقا بديعا ، ولا هو صورة مرئية لكونه أو تجل منه ، فان هذه ولادة مهما اختلفت صورها ، تبدلا للخالق ـ بكله او جزء منه او مرتبة من كيانه ـ الى المخلوق ، حيث الولادة ـ ككل ـ هي التبدل ـ ككل ـ سبحانه وتعالى عما يشركون.
(وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) ١١٨.
فلقد كذب الله وشتمه من اتخذ له ولدا وكما يروي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الله : «كذبني ابن آدم ولم ينبغ له أن يكذبني وشتمني ولم ينبغ له أن يشتمني ، أما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وليس اوّل الخلق بأهون علي من إعادته ، واما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولدا وأنا الله الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد» (١).
(الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) علّهم هنا هم المشركون المنقطعون عن وحي السماء ، أم وكل المجاهيل في معرفة الله ووحيه ، فقالتهم الأولى : (لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ) لو أنه يكلم بشرا كما يدعيه محمد والمرسلون قبله ، فلما ذا هذه
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ١٠٩ ـ اخرج البخاري وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يقول الله : ... وفيه عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال : لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله إنهم يجعلون له ولدا يشرك به وهو يرزقهم ويعافيهم.
وفي نور الثقلين ١ : ١١٩ في العلل باسناده الى سفيان بن عيينة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لم يخلق الله شجرة إلّا ولها ثمر تؤكل فلما قال الناس : اتخذ الله ولدا ـ ذهب نصف ثمرها ، فلما اتخذوا مع الله ولدا شاك الشجر.