نعم
. كان أبو ذر انساناً رسالياً ، ولم يكن انساناً عاديا . وكان في بعض مواقفه يمثل مواقف أمير المؤمنين علي عليه السلام . ولا غرو ولا عجب ، فهو تلميذ الإمام وواحد من أكثر الناس إخلاصاً له .
قال
أمير المؤمنين ( ع ) :
«
ولو شِئتُ لاهتديتُ الطريق الى مُصفى هذا العسلِ ، ولُبابِ هذا القمح ، ونَسائِج هذا القزِّ ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جَشعي الى تخيُّرِ الأطعمة ، ولعلَّ بالحجاز أو اليمامة ، من لا طمع له في القرص ، ولا عهد له بالشبع ، أوَ أبيت مبطاناً ، وحولي بطون غرثى ، وأكباد حرَّى ، أوَ أكونُ كما قال القائل :
وحسبك
داء أن تبيت ببطنة
|
|
وحولك
اكباد تحِنُّ الى القِدِّ
|
لقد
كان أمير المؤمنين علي عليه السلام ، يقول هذا ، ومقدرات الأمة تحت قبضة يده ، بل المعروف أن صدقاته الخاصة وحدها كانت تساوي آلاف الدنانير ذهباً .
نعم
. كان يقول هذا ـ ويعمل بما يقول مع نفسه ـ ليلفت أنظار المسلمين الى ضرورة تفقد الضعفاء ، والمقهورين ، والمدفوعين عن حقوقهم ، ويلفت انظار الولاة الى الرفق بالرعية وتفقد أحوالهم .
وكان
أبو ذر ـ تلميذ الإمام ـ ممن سار على هذا الهدي ، فقد كان عطاؤه السنوي اربعماية ديناراً ذهباً . ومع هذا فانه كان لا يدخر منها
__________________