شيئاً . وكان يندد بالكانزين للذهب والفضة الذين لا يخرجون الزكاة الواجبة منها ، أو الذين أخذوها من طرق غير مشروعة أيام عثمان . وكان يطلب حقه ( في كتاب الله ) كما تقدم . ويرفض الألف درهم ، والعبد والخمسماية شاة .
اجل . انه لم يكن ليفعل هذا عن فاقة ، أو مطمع ، بل كان يريد إلفات المسؤولين ـ في حينه ـ الى انصاف المظلومين ، وايصال كل ذي حق الى حقه .
وأعيت الحيلة غرماءه الحاكمين في إسكاته ، فعمدوا الى طريقة ثانية قرروا فيها إسكاته ، وكانت طريقة ناجحة ـ في نظرهم ـ فنفوه الى الربذة .
حمل من الشام الى المدينة على مركب وعر ، حتى تسلخ فخذاه ، ثم بعد ذلك ، نفي الى الربذة * بعيداً عن مهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومواطن الايمان ، حتى توفي غريباً هناك !
رحم الله أبا ذر ، لقد كان ينسى كل جراحه وآلامه في رحلته الثأرية تلك ، ليكتب على رمال الصحراء ملحمته الخالدة .
ملحمته التي ستبقى مع الشمس تشرق ، ولكنها لا تغيب ! !
__________________
* الربذة : موضع على بعد ثلاثة ايام من المدينة . . . معجم البلدان ٣ / ٢٤ .