ـ (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) أي وتفضل عليهم بالأمن والاستقرار ، فليفردوه بالعبادة وحده لا شريك له ، ولا يعبدوا من دونه صنما ولا ندا ولا وثنا ، قال ابن كثير : ولهذا من استجاب لهذا الأمر ، جمع الله له بين أمن الدنيا وأمن الآخرة. ومن عصاه سلبهما منه ، كما قال تعالى : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً ، يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ ، فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ ، فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ. وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ ، فَكَذَّبُوهُ ، فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ) [النحل ١٦ / ١١٢ ـ ١١٣] (١).
وكانت العرب يغير بعضها على بعض ، ويسبي بعضها بعضا ، فأمنت قريش كما تقدم من ذلك لمكان الحرم ، كما آمنهم من خوف الحبشة مع الفيل ؛ قال الله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً ، وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ)؟
[العنكبوت ٢٩ / ٦٧].
فقه الحياة أو الأحكام :
أمر الله تعالى في هذه السورة قريشا وهم أولاد النضر بن كنانة بعبادة وتوحيد ربهم الذي أنعم عليهم بهذه النعم الكثيرة ومنها :
١ ـ إهلاك أصحاب الفيل وصدهم عن مكة ، كما أهلكوا أيضا لأجل كفرهم ، وفي هذا دفع لضرر عظيم مؤكد الحصول لولا عناية الله وحمايته ، وتوفير أيضا للأمن والسلامة والاطمئنان بجوار البيت الحرام.
٢ ـ نعمة الرزق وتوفير الحاجة والكفاية بسبب ارتحالهم إلى اليمن شتاء وإلى الشام صيفا لجلب مختلف أنواع التجارات من الأطعمة والثياب ، مع أمنهم من إغارة العرب عليهم ؛ لأنهم أهل بيت الله وجبرانه.
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٤ / ٥٥٣