وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن محمود بن لبيد قال : «لما نزلت (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) فقرأها النبي صلىاللهعليهوسلم حتى بلغ (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) قالوا : يا رسول الله ، أي نعيم نسأل عنه؟ وإنما هما الأسوان : الماء والتمر ، وسيوفنا على رقابنا ، والعدو حاضر ، فعن أي نعيم نسأل؟ قال : أما إن ذلك سيكون».
وثبت في صحيح البخاري وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ». أي أنهم مقصرون في شكر هاتين النعمتين ، لا يقومون بواجبهما ، ومن لا يقوم بحق ما وجب عليه ، فهو مغبون. وعن النبي صلىاللهعليهوسلم فيما رواه الترمذي عن أبي برزة : «لا تزول قدما العبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به».
وأخرج البخاري في الأدب والترمذي وابن ماجه عن عبيد الله بن محصن : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من أصبح منكم آمنا في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها».
وأخرج ابن جرير ومسلم وأهل السنن عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : «بينما أبو بكر وعمر جالسان إذ جاءهما النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : ما أجلسكما هاهنا؟ قالا : والذي بعثك بالحق ، ما أخرجنا من بيوتنا إلا الجوع ، قال : والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره ، فانطلقوا حتى أتوا بيت رجل من الأنصار (١) ، فاستقبلتهم المرأة ، فقال لها النبي صلىاللهعليهوسلم : أين فلان؟ فقالت : ذهب يستعذب لنا ماء ، فجاء صاحبهم يحمل قربته ، فقال : مرحبا ما زار العباد شيء أفضل من نبي ، زارني اليوم ، فعلق قربته بكرب نخلة ، وانطلق فجاءهم بعذق ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : ألا كنت اجتنيت؟ فقال : أحببت أن تكونوا الذين تختارون على أعينكم ، ثم أخذ الشفرة ، فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : إياك والحلوب ، فذبح لهم يومئذ فأكلوا ، فقال لهما
__________________
(١) هو مالك بن التّيّهان الأنصاري ، أبو الهيثم.