التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن أهوال يوم القيامة وأماراتها بقوله :
(إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ ، وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) أي إذا تشققت السماء وتصدعت مؤذنة بخراب العالم ، وانشقاقها من علامات القيامة ، وأطاعت ربها وانقادت له فيما أمر ، وحق لها أن تطيع أمره وتنقاد وتسمع ؛ لأنه العظيم القاهر الذي لا يمانع ولا يغالب ، بل قد قهر كل شيء ، وخضع له كل شيء.
(وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ ، وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) أي وإذا الأرض بسطت وسوّيت ووسّعت بزوال جبالها وآكامها. ونسفها حتى صارت قاعا صفصفا.
ولفظت وأخرجت ما فيها من الأموات والكنوز ، وطرحتهم إلى ظهرها ، وخلت خلوا تاما عما فيها ، وتخلت إلى الله وتبرأت من كل من فيها ، ومن أعمالهم.
ونظير الآية : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ ، فَقُلْ : يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً ، فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً ، لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) [طه ٢٠ / ١٠٥ ـ ١٠٧].
(وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) أي استمعت وأطاعت أوامر ربها ، وحق لها أن تتخلى وتستمع لما يريد ربها أن يأمرها به ؛ لأنها واقعة في قبضة القدرة الإلهية. وجواب (إِذَا) محذوف لإرادة التهويل على الناس ، والتقدير : إذا حدث ما حدث ، رأيتم أعمالكم من خير أو شر.
(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) أي يا أيها الإنسان ، والمراد به الجنس الذي يشمل المؤمن والكافر ، إنك عامل في هذه الحياة ومجاهد ومجدّ في عملك ، ومصير سعيك وعملك إلى ربك أو إلى لقائه بالموت ، وإنك ستلقى ما عملت من خير أو شر ، أو سوف تلقى ربك بعملك. والكدح : جهد النفس في العمل حتى تأثرت.