وشاقهما ، ولو كان المحادّون المعادون لله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم أقرب الناس إليهم ، كالآباء الذين يجب برّهم وطاعتهم ، والأبناء فلذات الأكباد ، والإخوان الناصرين لهم ، والعشيرة أو القبيلة التي ينتمون إليها ويتآزرون بها.
أخرج الترمذي والحاكم والطبراني مرفوعا : «يقول الله تبارك وتعالى : وعزتي لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ، ويعاد أعدائي». وأخرج أحمد وغيره عن البراء بن عازب مرفوعا : «أوثق الإيمان : الحب في الله ، والبغض في الله».
وأخرج الديلمي من طريق الحسن عن معاذ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم لا تجعل لفاجر ـ وفي رواية : ولا لفاسق ـ علي يدا ولا نعمة ، فيودّه قلبي ، فإني وجدت فيما أوحيت إلي : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ)».
ثم بيّن الله تعالى سبب الامتناع من موادّة الأعداء وجزاء الممتنعين ، فقال :
(أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ ، وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ، وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ، خالِدِينَ فِيها ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) أي أولئك الذين لا يوادّون من حادّ الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم أثبت الله الإيمان الصحيح في قلوبهم ، وقواهم بنصر منه على عدوهم في الدنيا ، وسمي نصره لهم روحا ، لأن به يحيا أمرهم ، ويدخلهم الجنان التي تجري الأنهار من تحت قصورها وأشجارها ، ماكثين فيها على الأبد ، وقد قبل أعمالهم ، وأفاض عليهم آثار رحمته العاجلة والآجلة ، وفرحوا بما أعطاهم عاجلا وآجلا.
(أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ ، أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي أولئك أنصار الله وجنده الذين يمتثلون أوامره ، ويقاتلون أعداءه ، وينصرون أولياءه ، ألا إن هؤلاء الأنصار هم الفائزون بسعادة الدنيا والآخرة.