(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ، فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي من وقاه الله وحفظه من داء الشح والبخل ، فأنفق في سبيل الله ووجوه الخير ، فأولئك هم الظافرون بما يرجون ، الفائزون بما يطلبون.
ثم أكد الله تعالى الحث على الإنفاق قائلا :
(إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ، وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) أي إن تصرفوا بعض أموالكم في وجوه الخير بإخلاص نية وطيب نفس ، يضاعف الله لكم الثواب ، فيجعل الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف ، إلى أضعاف كثيرة ، ويغفر لكم أيضا ذنوبكم ، والله يجزي على القليل الكثير ، يصفح ويغفر ويستر الذنوب والزلات والخطايا ، ولا يعاجل من عصاه بالعقوبة. وفي الآية إيماء إلى أن الشقي من لا يقدم لنفسه شيئا يستقرضه منه رازقه ، مع شدة حاجته إليه بعد مماته.
ونظير الآية : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ، فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ..) [البقرة ٢ / ٢٤٥].
وأخرج الحاكم وصححه وابن جرير عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يقول الله : استقرضت عبدي ، فأبى أن يقرضني ، ويشتمني عبدي ، وهو لا يدري ، يقول : وا دهراه ، وأنا الدهر ، ثم تلا أبو هريرة هذه الآية : (إِنْ تُقْرِضُوا ..).
ثم رغب الله تعالى في النفقة ترغيبا زائدا ، فقال :
(عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي إن الله سبحانه بالغ العلم بما غاب عنكم وما حضر ، الغالب القاهر ، ذو الحكمة الباهرة ، يضع الأمور في مواضعها الصحيحة.