يكن ذلك عملا بجهالة ، وإنما العمل بجهالة : قبول قول من لا يحصل غلبة الظن بقوله.
١٢ ـ إن وجود الرسول صلىاللهعليهوسلم في أصحابه ركن تثبت وأناة وتأن ، فيمنع التسرع في إصدار الأحكام ، فإنه لو قتل القوم الذين سعى بهم الوليد بن عقبة إليه ، لكان خطأ ، ووقع في العنت (الإثم والمشقة والهلاك) من أراد إيقاع الهلاك بأولئك القوم لعداوة كانت بينه وبينهم. ويكون المراد من قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ) ألا تكذبوا ، فإن الله تعالى يعلم رسوله صلىاللهعليهوسلم أنباءكم ، فتفتضحون.
١٣ ـ ذكر الله الإيمان وقابله بأمور ثلاثة كرهها إليهم وهي الكفر والفسوق والعصيان ، والإيمان اسم لثلاثة أشياء : التصديق بالجنان ، والإقرار باللسان ، والعمل بالجوارح (الأعضاء). والكفر : هو الإنكار وهو يقابل الإذعان بالجنان ، والفسوق يقابل الإقرار باللسان ، والعصيان يقابل العمل البدني ، فهو ترك العمل بالطاعات والأحكام الشرعية ويشمل جميع المعاصي وهذا يعني أن المؤمن المتثبت لا يكذب.
١٤ ـ استدلت الأشاعرة بقوله (حَبَّبَ وَكَرَّهَ) على مسألة خلق الأفعال ، أي أن الله تعالى خلق أفعال العباد وذواتهم وصفاتهم وألسنتهم وألوانهم ، لا شريك له ، لقوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) [الصافات ٣٧ / ٩٦]. وهذا رد على القدرية (١) والإمامية والمعتزلة الذين يقولون : إن الإنسان يخلق
__________________
(١) الجبرية والقدرية : فرقتان شاذتان في العقيدة خرجا عما عليه جمهور العلماء ، تقول الأولى : إن الله تعالى مجبر للعبد على فعله ، وليس لإرادة الإنسان واختياره دخل حقيقي فيها وتقول الثانية : إن العبد خالق لأفعاله ، دون أن يكون لله عليه سلطان فيها (الشافي شرح أصول الكافي للشيخ عبد الله المظفر : ٢ / ٢٣٦ ، والكافي تأليف العلامة محمد بن يعقوب الكليني الرازي).