(وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ، وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ، أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) أي ولكن الله حبّب أي قرّب الإيمان إلى بعضكم ، وإلا لم يحسن الاستدراك ب (لكِنَ) فلم يقع في ورطة التسرع في الأخبار ، وعدم التثبت فيها ، وكانوا أبرياء من اتهام الآخرين ، لأن الله جعل الإيمان أحب الأشياء إليكم ، وحسّنه بتوفيقه وتثبيته في أعماق قلوبكم ، وجعل كلا من الكفر (جحود الخالق وتكذيب الرسل) والفسوق (الخروج عن حدود الدين) والعصيان (المخالفة وعدم الطاعة) مكروها عندكم.
وهؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات هم الذين استقاموا على طريق الحق ، ومقتضى الشرع ، وأدب الدين ، فلم ينزلقوا في اتهام غيرهم دون تثبت.
(فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً ، وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) أي إن الله حبّب إليكم الإيمان ، وكرّه إليكم الأمور الثلاثة المتقدمة تفضلا منه عليكم ، وإنعاما من لدنه ، والله عليم بكل الأمور الحادثة والمستقبلة ، حكيم في تدبير شؤون خلقه ، وفي أقواله وأفعاله وشرعه وقدره.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات الأحكام التالية :
١ ـ وجوب التثبت من الأخبار المنقولة والروايات المروية ، أخذا بالحيطة والحذر ، ومنعا من إيذاء الآخرين بخطإ فادح ، فيصبح المتسرع في الحكم والتصديق نادما على العجلة وترك التأمل والتأني. لذا كان نبي الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «التأني من الله ، والعجلة من الشيطان»(١).
٢ ـ في هذه الآية : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ) دليل على قبول خبر الواحد إذا
__________________
(١) رواه البيهقي في شعب الإيمان عن انس بن مالك ، وهو ضعيف.