وطباعهم. وربما يكون في الكواكب الأخرى أحياء ، فتدل الآية عليهم.
وقيل : أراد ما بث في الأرض دون السماء ، لأن المراد من (فِيهِما) في أحدهما ، كما جاء في آية أخرى : (خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ، وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ، وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ) [لقمان ٣١ / ١٠].
(وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) وهو على جمع سائر الخلائق من السموات والأرض في صعيد واحد ، وحشرهم يوم القيامة ، إذا أراد ، قادر كل القدرة ، ثم يحكم بينهم بحكمه العدل الحق.
والمقصود بالآية أنه تعالى خلق الكائنات الحية متفرقة ، لا لعجز ، ولكن لمصلحة ، فلهذا قال : (وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ)(١)(قَدِيرٌ) يعني الجمع للحشر والمحاسبة ، وإنما قال : (عَلى جَمْعِهِمْ) ولم يقل : على جمعها ، لأن المقصود من هذا الجمع المحاسبة ، فكأنه تعالى قال : وهو على جمع العقلاء إذا يشاء قدير.
ثم ذكر تعالى أسباب الذنوب والآثام ، فقال :
(وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ، وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) أي ما أصابكم أيها الناس من المصائب (وهي الأحوال المكروهة) كالآلام والأسقام والقحط والغرق والصواعق والزلازل ونحوها ، فإنما هي بسبب سيئات اقترفتموها ، ومعاص اقتحمتموها ، فهي عقوبات الذنوب وكفاراتها ، ويعفو الله عن كثير من معاصي العباد ، فلا يعاقب عليها ، وقد يكون المصاب لغير ذنب ، وإنما لزيادة الأجر ورفع الدرجة.
ونظير مقدمة الآية قوله تعالى : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ
__________________
(١) إذا كما بينا تدخل على المضارع ، كما تدخل على الماضي ، قال تعالى : وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى [الليل ٩٢ / ١] ومنه إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ.