عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ، ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه ، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ، ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه».
قال قتادة : كان يقال : خير العيش ما لا يهليك ولا يطغيك.
ثم ذكر الله تعالى أنه لو احتاج الناس إلى الخير أمدهم به ، فقال :
(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ ، وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) أي وهو سبحانه الذي ينزل المطر من بعد إياس الناس في وقت حاجتهم وفقرهم إليه ، والمطر أنفع أنواع الرزق ، وأكثرها فائدة ونفعا ، ويعم الوجود كله برحمته ، ويفيض على أهل ذلك القطر أو الناحية فيضه ، وهو المتولي لأمور عباده بالإحسان إليهم ، وجلب النفع لهم ، ودفع الشر عنهم ، وهو المستحق للحمد منهم على إنعامه.
ونظير الآية في إنزال المطر بعد اليأس قوله تعالى : (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ) [الروم ٣٠ / ٤٩].
قال قتادة : ذكر لنا أن رجلا قال لعمر بن الخطاب رضياللهعنه : يا أمير المؤمنين ، قحط المطر ، وقنط الناس ، فقال عمر : مطرتم ، ثم قرأ الآية : (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا ، وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ ، وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ).
ثم ذكر تعالى الأدلة على ألوهيته ، فقال :
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ) أي ومن دلائل عظمته وقدرته وسلطانه : خلق السموات والأرض على هذا النحو البديع ، وخلق ما نشر وفرق فيهما ، أي في السموات والأرض مما يدب ويتحرك ، وهذا يشمل الملائكة والإنس والجن وسائر الحيوانات على اختلاف أشكالهم وألوانهم