من استخدام بعضهم بعضا ، فيكون بعضهم سببا لمعاش بعض ، وإلا فسد نظام العالم. وليس المعنى في الاستخدام أو الاستئجار أو الاستعمال على عمل شيء من الذّلّ والمهانة ، لأن حقوق العامل مصونة في الإسلام ، وعلى صاحب العمل واجبات خلقية ومادية كثيرة توجب عليه التّرفع عن الغبن والظلم والأذى والإساءة ، فإن عجزوا عن تغيير نظام الدنيا ، فكيف يعترضون على حكمنا بتخصيص النبوة والرّسالة في بعض العباد؟! والمعنى : إنكار أن الرّزق منهم ، فكيف تكون النّبوة منهم؟!
الوجه تكون النّبوة منهم؟! الوجه الثاني ـ (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) أي إن ما أعدّه الله لعباده الصالحين في الدار الآخرة خير مما يجمعون من الأموال وسائر متاع الدنيا ، وإذا خصّ الله بعض عبيده بنوع فضله ورحمته في الدّين ، فهذه الرّحمة خير من أموال الدنيا كلها ، لأن عرض الدنيا زائل ، ورحمة الله وفضله باق دائم.
ثم أبان الله تعالى حقارة الدنيا ، فقال :
الوجه الثالث ـ (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ ، وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ ، وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ ، وَزُخْرُفاً) أي ولو لا الخوف وكراهة أن يكون الناس كلهم على ملّة الكفر ، ميلا إلى الدنيا وزخرفها ، فلا يبقى في الأرض مؤمن ، لأعطينا الكفار ثروات طائلة ، وجعلنا سقف بيوتهم ، وسلالمهم ومصاعدهم التي يرتقون ويصعدون عليها ، وأبواب البيوت والسّرر التي يتكئون عليها من فضة خالصة ، وذهب وزينة ونقوش فائقة ، لهوان الدنيا عند الله تعالى.
(وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) أي ليس كل ذلك إلّا شيئا يتمتع به تمتعا قليلا في الدنيا ، لأنها زائلة قصيرة الأجل ، والآخرة بما فيها من أنواع النّعيم والجنان هي لمن اتّقى الشّرك والمعاصي ، وآمن