وأخرج البخاري عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية يحدث رهطا من قريش بالمدينة ، وذكر كعب الأحبار ، فقال : «إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب ، وإن كنا مع ذلك ، لنبلو عليه الكذب».
٢ ـ (وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ ، فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ، وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ ، وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ) أي كما أنزلنا الكتب على من قبلك من الرسل أيها الرسول ، أنزلنا إليك هذا الكتاب (القرآن) فالذين آتيناهم الكتاب السابق من اليهود والنصارى ، إذا أخذوا هذا القرآن ، فتلوه حق تلاوته ، كعبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وأشباههما آمنوا وصدقوا بنزوله من عند الله ، وكذلك بعض كفار قريش وغيرهم يؤمنون به ؛ لأنه ـ كما عرفوا من لغة البيان ـ ليس من كلام البشر ، وإنما هو من كلام الله الموحى به إلى نبيه.
وما يكذّب بآياتنا ويجحد حقها إلا من يستر الحق بالباطل ، ويطمس معالم الهداية والنور ، ويعاند في كفره ويستكبر ، فلا يؤمن بالله وحده ، ولا يشكر نعمة الله عليه. وهذا تنفير عما هم عليه من الشرك والباطل.
٣ ـ (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ ، وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ، إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) أي وما كنت أيها الرسول في تاريخك مع قومك تقرأ من قبل نزول القرآن من كتاب آخر ، ولا تعرف الكتابة ولا تستطيع أن تخط شيئا من الكتاب ؛ إذ لو كنت قارئا وكاتبا لشك المشركون الجهلة فيما نزل إليك ، وقالوا : لعل ذلك مأخوذ من كتب سابقة ، ولما لم يكن كاتبا ولا قارئا فلا وجه لارتيابهم. قال مجاهد : كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن محمدا صلىاللهعليهوسلم لا يخطّ ولا يقرأ ، فنزلت هذه الآية. وقال النحاس : الدليل على نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم لقريش أنه لا يقرأ