ريحا شديدة البرد في ليلة شاتية ، فأكفأت قدورهم ، وطرحت آنيتهم.
فرجع أبو سفيان مع قريش إلى بلادهم ، وتبعته غطفان ، وأرسل رسول اللهصلىاللهعليهوسلم حذيفة بن اليمان حتى يأتي بخبرهم ، ومكث النبي صلىاللهعليهوسلم قائما يصلي ، ودعا لحذيفة بالسلامة والحفظ حتى يعود ، كما دعا رافعا يديه ويقول : «يا صريخ المكروبين ، ويا مجيب المضطرين ، اكشف همّي وغمي وكربي ، فقد ترى حالي وحال أصحابي» فنزل جبريل وقال : إن الله قد سمع دعوتك ، وكفاك هول عدوك ، فخرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ركبتيه ، وبسط يديه ، وأرخى عينيه ، وهو يقول : شكرا شكرا كما رحمتني ورحمت أصحابي.
وصدق الله إذ يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ ، إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ ، فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها ، وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) [الأحزاب ٣٣ / ٩] ويقول : (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً ، وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ ، وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً) [الأحزاب ٣٣ / ٢٥].
وانتهت الحرب بين المسلمين والمشركين ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا ، ولكنكم تغزونهم».
واستشهد من المسلمين يوم الخندق سبعة ، وقتل من المشركين أربعة.
التفسير والبيان :
تضمنت الآيات في مجال التذكير بنعمة الله وإحسانه إلى عباده المؤمنين بنصرهم في غزوة الخندق موضوعات خمسة : هي وصف الغزوة (الآيات : ٩ ـ ١١) وموقف المنافقين واليهود من المسلمين (الآيات : ١٢ ـ ٢١) وموقف المؤمنين في التضحية والفداء (الآيات : ٢٢ ـ ٢٤) ونصر المؤمنين وهزيمة الكافرين (الآية : ٢٥) وتأديب يهود بني قريظة (الآيتان : ٢٦ ـ ٢٧).