حصر ، وهو الأصح أو التمكن والسلطة على الكون المخلوق حاصل مع خلق السموات والأرض ، فليست (ثُمَ) للترتيب ، وإنما هي بمعنى الواو.
٣ ـ إن الله عزوجل ولي المؤمنين الذي يتولى مصالحهم وناصرهم وشفيعهم ، فإذا تجاوز الناس رضاه لم يجدوا لأنفسهم وليا ، أي ناصرا ينصرهم ولا شفيعا يشفع لهم ، وعليه ، ليس للكافرين من ولي يمنع عنهم العذاب ، ولا شفيع يتوسط لهم فيرفع عنهم العقاب.
فهل من متذكر معتبر في قدرة الله ومخلوقاته؟!
٤ ـ ويأتي الأمر بعد الخلق ، للدلالة على عظمة الله ، فإن نفاذ أمر الله في الكون دليل على عظمته ، لذا كان الأمر والتدبير في الكون وإنزال القضاء والقدر ، ونفاذ هذا التدبير من مظاهر عظمة الله تعالى ، ومجموع هذه الأوامر النافذة كلها عائد إلى الله يوم القيامة ، فقوله : (ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ) معناه يرجع ذلك الأمر والتدبير إليه بعد انقضاء الدنيا ، (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) هو يوم القيامة ، وقد يكون لشدة أهواله وبحسب أحوال بعض الناس في مدة مقدارها خمسون ألف سنة ، كما قال تعالى : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) [المعارج ٧٠ / ٤].
ورأى الزمخشري في الكشاف أن المراد من الأمر : المأمور به من الطاعات والأعمال الصالحة ينزله مدبرا من السماء إلى الأرض ، ثم يصعد إليه المأمور خالصا في مدة متطاولة لقلة عمال الله والخلّص من عباده وقلة الأعمال الصاعدة ؛ لأنه لا يوصف بالصعود إلا الخالص ، ثم يثبت ذلك الأمر الصاعد ويصير إلى الله في كل وقت إلى أن تبلغ المدة آخرها في يوم القيامة الذي هو من أيام الله ، ويوم الله كألف سنة ، ثم يدبر الله أيضا الأمر ليوم آخر ، وهلم جرا إلى أن تقوم الساعة (١)
__________________
(١) الكشاف : ٢ / ٥٢٢ ـ ٥٢٣