٢ ـ قوله تعالى : (ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ) لا يعني إنكار عذاب القبر أو التهوين من شأنه ، فقد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه تعوذ منه ، وأمر أن يتعوذ منه ، أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن مسعود قال : سمع النبي صلىاللهعليهوسلم أم حبيبة وهي تقول : اللهم أمتعني بزوجي رسول الله ، وبأبي أبي سفيان ، وبأخي معاوية ، فقال لها النبي صلىاللهعليهوسلم : «لقد سألت الله لآجال مضروبة وأرزاق مقسومة ، ولكن سليه أن يعيذك من عذاب جهنم وعذاب القبر».
٣ ـ دل قوله عزوجل : (كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ) على أن الكفار كانوا يكذبون في الدنيا ، وينصرفون من الحق إلى الباطل ، وأنهم كما صرفوا عن الحق في قسمهم أنهم ما لبثوا غير ساعة ، كذلك كانوا يصرفون عن الحق في الدنيا ، كما وصفهم القرآن : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً ، فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ ، وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ) [المجادلة ٥٨ / ١٨] وقال تعالى : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا : وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ ، انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا) [الأنعام ٦ / ٢٣ ـ ٢٤].
٤ ـ العلماء بالآخرة المؤمنون بها وبالله تعالى من الملائكة والناس يستكثرون مدة الدنيا شوقا إلى الآخرة والجنة ، أما الكافرون فيستقلّون مدة اللبث في الدنيا ، ويختارون تأخير الحشر ، والإبقاء في القبر ، تحاشيا من عذاب الآخرة ، لذا يقول المؤمنون للكفار ردا عليهم : لقد لبثتم في الدنيا أو في قبوركم إلى يوم البعث.
٥ ـ الواقع خير شاهد ودليل ، لذا يقول المؤمنون للكفار : إن كنتم منكرين البعث فهذا يوم البعث الذي كنتم تنكرونه.
٦ ـ إذا جاء الموت أو يوم القيامة لا ينفع العلم بالقيامة ولا الاعتذار يومئذ ، ولا يطلب من الكفار العتبى ، أي إزالة العتب بالتوبة التي تسقط الذنب ،