٣ ـ كان إنقاذ موسى من البحر سببا في إسعاد الناس برسالته وإنزال التوراة عليه ، وهداية آسية امرأة فرعون إلى الإيمان بالله تعالى ، بعد أن أقنعت زوجها فرعون بإبقائه وعدم قتله رجاء أن يكون مصدر نفع لهم أو أن يتبنوه ، علما بأنها كانت لا تلد ، فاستوهبت موسى من فرعون ، فوهبه لها ، وكان فرعون لما رأى الرؤيا وقصها على كهنته وعلمائه ، قالوا له : إن غلاما من بني إسرائيل يفسد ملكك ؛ فأخذ بني إسرائيل بذبح الأطفال ، فرأى أنه يقطع نسلهم ، فعاد يذبح عاما ويستحيي عاما ، فولد هارون في عام الاستحياء (إبقاء الأولاد) وولد موسى في عام الذبح. يروى أن آسية امرأة فرعون رأت التابوت يعوم في البحر ، فأمرت بسوقه إليها وفتحه ، فرأت فيه صبيا صغيرا ، فرحمته وأحبته ، فقالت لفرعون : (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ).
٤ ـ لا يشعر الناس بتدبير الله وتخطيطه ، وقد تكرر ذلك المعنى في الآيات فقال تعالى : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [٩] أي وهم لا يشعرون أن هلاكهم بسببه ، ثم كرر تعالى ذلك في الآية [١١] ثم قال : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ).
٥ ـ هجمت الوساوس والمخاوف والهواجس على قلب أم موسى ، وطار عقلها لوقوع ابنها في يد فرعون عدو الإسرائيليين ، وقاربت أن تظهر أمره لو لا أن ثبّتها الله وصبّرها وملأ قلبها بالإيمان والاطمئنان والسكينة ، لتكون من المصدقين بوعد الله حين قال لها : (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ).
٦ ـ كان لأخت موسى الذكية الحصيفة مريم بنت عمران كاسم مريم أم عيسى عليهالسلام دور طيب ناجح في إقناع حاشية فرعون وامرأته بمن يقبل ثديها من النساء ، لحاجتها إلى عطاء الملك ، وطيبها وطيب رائحتها ، دون أن يشعروا أنها أخته ، لأنها كانت تمشي على ساحل البحر ، حتى رأتهم قد أخذوه ، فأرشدتهم بلباقة إلى أهل بيت يكفلونه ، وهم للملك ناصحون ، يحرصون على مسرّته ، ويطمعون في عطائه.