(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ ، أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي ، وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي والذين جحدوا بآيات الله أي بدلائل وحدانيته وما أنزله على رسله من البراهين المرشدة إلى ذلك ، وكفروا بالمعاد ولقاء الله في الآخرة ، أولئك لا نصيب لهم من رحمة الله ، بسبب كفرهم ، ولهم عذاب مؤلم موجع شديد في الدنيا والآخرة ، كما قال : (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) [يوسف ١٢ / ٨٧].
وتكرار (أُولئِكَ) في الآية للدلالة على أن كل واحد من اليأس والعذاب لا يوجد إلا في الكفار ، وقد أضاف اليأس إليهم بقوله : (أُولئِكَ يَئِسُوا) فلو طمعوا بالرحمة لأنزلها عليهم ، ثم إنه تعالى أضاف الرحمة لنفسه (رَحْمَتِي) لبيان عمومها لهم ولزومها له ، ولم يضف العذاب لنفسه لتخصيصه بالكفار.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ كانت دعوة إبراهيم كدعوة جميع الأنبياء عليهمالسلام إلى عبادة الله (أي إفراده بالعبادة) وتوحيده واتقاء عذابه بفعل أوامره وترك معاصيه. وقوله تعالى : (اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ) إشارة إلى التوحيد ؛ لأن التوحيد إثبات الإله ونفي غيره ، فقوله : (اعْبُدُوا اللهَ) إثبات الإله ، وقوله : (وَاتَّقُوهُ) نفي الغير.
٢ ـ إن الوثنيين يعبدون أصناما من صنع أيديهم ويختلقون الكذب بجعل تلك الأصنام شركاء لله شفعاء عنده ، مع أنها لا تملك ضرّا ولا نفعا ، ولا تقدر على جلب الرزق لأحد ، إنما الرازق الذي يطلب منه الرزق هو الله وحده ، فيجب على العباد أن يسألوه وحده دون غيره ؛ لأن المعبود إنما يعبد لأحد أمور : إما لكونه مستحقا للعبادة بذاته ، وإما لكونه نافعا في الحال أو في المستقبل ، وإما