أحدكم إلى أخيه بالسلاح ، فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان أن ينزغ في يده ، فيقع في حفرة من النار».
وسبب نزغ الشيطان للإنسان ما قاله تعالى : (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً) أي إن الشيطان عدوّ ظاهر العداوة للإنسان ، وقد أعلن عداوته منذ القدم كما حكى القرآن : (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) [الأعراف ٧ / ١٧].
ثم فسّر الله تعالى الطريق الأحسن الألين الذي لا مخاشنة فيه بقوله : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ ..) أي ربّكم أيها الناس أعلم بمن يستحق منكم الهداية والتوفيق للإيمان ومن لا يستحق ، فإن شاء رحمكم فأنقذكم من الضلالة ووفقكم للطاعة والإنابة إليه ، وإن شاء عذّبكم فلا يهديكم للإيمان ، فتموتوا على شرككم ، فهذه هي الكلمة ونحوها التي تقال لهم ، ولا يقال لهم : إنكم من أهل النار ، وإنكم معذبون ، وما أشبه ذلك مما يغيظهم ويهيجهم على الشّر. وقوله تعالى : (أَعْلَمُ) بمعنى عليم ، نحو قولهم : «الله أكبر» بمعنى كبير ، فلا مجال للمقارنة أو الموازنة بينه وبين غيره.
(وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) أي وما أرسلناك يا محمد عليهم حفيظا ورقيبا ووكيلا موكولا إليك أمرهم ، تحاسبهم على أعمالهم ، وتقرّهم على الإسلام وتجبرهم عليه ، إنما أرسلناك نذيرا وبشيرا فقط ، فمن أطاعك دخل الجنة ، ومن عصاك دخل النار ، فتلطّف في دعوتهم ولا تغلظ عليهم ، ودارهم ، ومر أصحابك بالمداراة والاحتمال.
(وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي وربّك أعرف بكل من هو في السموات والأرض ، وأعلم بأحوالهم ومقاديرهم كلّها علم إحاطة وانكشاف : (أَلا