فقه الحياة أو الأحكام :
تدلّ الآيتان على الأمر بالاستقامة والثّبات والدّوام عليها ، وعلى تحريم ضدّها وهو الطّغيان ، أي تجاوز حدود الله تعالى ، وعدم الاعتماد على الظّلمة والرّضا بظلمهم.
والاستقامة : امتثال أمر الله ، وليست تلك مهمة سهلة وإنما هي شاقّة عسيرة تستدعي الطّاعة الدّائمة ، ومراقبة الإنسان نفسه ، والحذر من المخالفة ، قال ابن عباس : ما نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم آية هي أشدّ ولا أشقّ من هذه الآية عليه ، ولذلك قال لأصحابه حين قالوا له : لقد أسرع إليك الشّيب! فقال : «شيّبتني هود وأخواتها». وروي عن أبي علي السّري قال : رأيت النّبي صلىاللهعليهوسلم في المنام ، فقلت : يا رسول الله! روي عنك أنك قلت : «شيّبتني هود» ، فقال : «نعم» ، فقلت : ما الذي شيّبك منها؟ قصص الأنبياء وهلاك الأمم! فقال : «لا ، ولكن قوله تعالى : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ)».
والاستقامة تقتضي اتّباع نصوص القرآن والسنّة ، والبعد عن التّأويلات الباطلة ، والعمل بالرّأي الفاسد المخالف روح الشّريعة ومبادئها العامة.
ثمّ حذّرت الآية من الاعتماد على الظّلمة ، والرّضا بظلمهم ، والاستعانة بهم ، والتعاون معهم ، وودّهم وإطاعتهم ؛ لأن ودّهم يستدعي إطراءهم وتملّقهم ، وتزييف الحقائق ، وكتمان الحقّ ، والسّكوت عن المنكر ، وعدم الأمر بالمعروف.
والظّلم : يشمل الشّرك وكلّ أنواع القبائح والمعاصي والمنكرات ، والآية دالّة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم ، فإن صحبتهم كفر أو معصية ، إذ الصّحبة لا تكون إلا عن مودّة. أما صحبة الظّالم على التّقيّة ، فهي مستثناة من النّهي بحال الاضطرار.
روى الإمام أحمد وأصحاب السّنن عن أبي بكر أنه قام ، فحمد الله ،