«نصرت يا عمرو بن سالم ، لا نصرت إن لم أنصر بني كعب» فكان ذلك سبب عودة حالة الحرب مع قريش.
فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الناس بالتأهب للقتال ، وسار لفتح مكة سرا ، ففتحها في السنة الثامنة من الهجرة.
ولما بلغ هوازن فتح مكة ، جمعهم أميرهم مالك بن عوف النصري لقتال المسلمين ، وكانت غزوة حنين التي شهدها دريد بن الصّمّة في شوال في السنة الثامنة ، ثم حاصر النبي بعدها الطائف بضعا وعشرين ليلة ، وقاتلهم قتالا شديدا ، ورماهم بالنبل والمنجنيق.
ثم خرج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في رجب سنة تسع إلى غزوة تبوك ، وهي آخر غزواته ، وفيها نزلت أكثر آيات سورة براءة.
ولما رجع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من غزوة تبوك أراد الحج ، ولكنه تذكر أن المشركين يحضرون عامهم هذا الموسم على عادتهم ، ويطوفون بالبيت عراة ، فكره مخالطتهم ، وبعث أبا بكر الصديقرضياللهعنه أميرا على الحج تلك السنة ، ليقيم للناس مناسكهم ويعلم المشركين ألا يحجوا بعد عامهم هذا ، وأن ينادي في الناس : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ).
فلما قفل أتبعه بعلي بن أبي طالب ، ليكون مبلّغا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكونه عصبة له. وقال له : «أخرج بهذه القصة من صدر براءة فأذن بذلك في الناس إذا اجتمعوا».
فخرج علي راكبا العضباء ناقة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأدرك أبا بكر في ذي الحليفة ، وأمّ أبو بكر الناس في الحج ، وقرأ عليّ على الناس صدر سورة براءة (١).
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٢ / ٣٣١ وما بعدها ، الكشاف : ٢ / ٢٦ ، تفسير القرطبي : ٨ / ٦٤ ـ ٦٨