أنواع القوى المادية والمعنوية المناسبة لكل زمان ومكان ، ومن مرابطة الخيول في الثغور والحدود ؛ لأنها منفذ الأعداء ومواطن الهجوم على البلاد ، وقد كانت الخيول أداة الحرب البرية الرهيبة في الماضي ، وما تزال لها أهميتها أحيانا في بعض ظروف الحرب الحاضرة ، مثل حال استعمال السلاح الأبيض والتجسس ونقل بعض المؤن والذخيرة في الطرق الجبلية ، وإن كان الدور الحاسم اليوم هو لسلاح الطيران ، والمدافع ، والدبابات ، والغواصات البحرية ، فصار ذلك هو المتعين إعداده بدلا من الخيول ؛ لأن المهم تحقيق الأهداف ، وأما الوسائل والآلات فهي التي يجب إعدادها بحسب متطلبات العصر ، ويكون المقصود هو إعداد جيش دائم مستعد للدفاع عن البلاد ، ويتم ذلك بالمال المخصص لهذه المهمة ، ودعمه بالسلاح الذي ينفق عليه من المسلمين بحسب الطاقة. وقد خص الله الخيل بالذكر ، وإن كانت داخلة في القوة ، تشريفا لها ، وتكريما ، واعتدادا بأهميتها.
ثم ذكرت الآية سبب الإعداد وهدفه وهو إرهاب عدو الله وعدو المسلمين من الكفار الذين ظهرت عداوتهم كمشركي مكة في الماضي ، وإرهاب العدو الخفي الموالي لهؤلاء الأعداء ، سواء أكان معلوما لنا أم غير معلوم ، بل الله يعلمهم ؛ لأنه علام الغيوب. وهذا يشمل اليهود ، والمنافقين في الماضي ، ومن تظهر عداوته بعدئذ مثل فارس والروم ، وسلالاتهم في دول العالم المعاصر.
وبغير الإعداد الملائم للحرب في كل عصر لا يصان السّلام ، وصون السّلام عرفا وعادة وعقلا لا يكون إلا بآلات الحرب الحديثة.
وبما أن الإعداد للجهاد لا يتوافر بغير المال ، حثّ القرآن على الإنفاق في سبيله ، فقال تعالى : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ ...) أي أن كل شيء قليل أو كثير تنفقونه في الجهاد في سبيل الله ، فإنه يوفى لصاحبه ، ويجازى عليه على أتم وجه وأكمله ، ولا ينقص منه شيء. جاء في الحديث الذي رواه أبو داود : أن الدرهم