أدّى زكاة المال لا يعد كانزا ، ويعد كانزا أيضا في رأي المالكية من لم يكنز ومنع الإنفاق الواجب في سبيل الله ، فما فضل عن الحاجة ليس بكنز إذا كان معدا لسبيل الله.
وقد رتب الله سوء العقوبة والجزاء بقوله : (يَوْمَ يُحْمى) على حال المعصية الحاصلة من الكانز المسلم والكافر بتعطيله خاصية المال ، وهي إنفاقه في سبيل الله ، فإن كان المكتنز كافرا فهذه بعض عقوباته ، وإن كان مؤمنا ، فهذه عقوبته إن لم يغفر له ، ويجوز أن يعفى عنه.
وتمثيل صورة العذاب في الآية والحديث حقيقة ، ففي حال يمثّل المال فيه ثعبانا ، وفي حال يكون صفائح من نار ، وفي حال يكون رضفا (حجارة محماة) فتتغير الصفات والجسمية واحدة ، فالشجاع الأقرع (الحنش) الذي يمثل به المال جسم ، والمال جسم. وخص الشجاع بالذكر ؛ لأنه العدو الثاني للناس ، والشجاع من الحيات : هو الحية الذكر الذي يواثب الفارس والراجل ، ويقوم على ذنبه وربما بلغ الفارس ، ويكون في الصحاري.
والأولى لطالب الدّين ألا يجمع المال الكثير ، وإن لم يمنع عنه في ظاهر الشرع ؛ لأنه أقرب للتقوى ، ولأن تكثير المال سبب لتكثير الحرص في الطلب ، والحرص متعب للروح والنفس والقلب وضرره شديد على النفس ، ولأن كسب المال شاق شديد ، وحفظه بعد حصوله أشد وأشق وأصعب ، ولأن كثرة المال والجاه تورث الطغيان ، كما قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) [العلق ٦٨ / ٦ ـ ٧] ولأنه تعالى أوجب الزكاة بقصد تنقيص المال ، ولو كان تكثيره فضيلة لما سعى الشرع في تنقيصه. وكذلك خيرية اليد العليا ؛ لأنها تؤدي إلى نقصان المال.