وحذر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الإخلال بحرمة المساجد ، فقال فيما رواه الطبراني في الكبير عن ابن مسعود وهو ضعيف : «يأتي في آخر الزمان ناس من أمتي ، يأتون المساجد ، فيقعدون فيها حلقا ، ذكرهم الدنيا ، وحب الدنيا ، لا تجالسوهم ، فليس لله بهم حاجة». وفي حديث آخر : «الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش»(١).
فقه الحياة أو الأحكام :
استنبط من الآيات ما يأتي :
١ ـ لا ثواب للمشركين في الآخرة على أعمال البر التي تصدر عنهم في الدنيا.
٢ ـ المتصفون بالإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر ، والمقيمون الصلاة ، والمؤتون الزكاة ، والذين لا يخشون أحدا سوى الله ، هم الجديرون بعمارة المساجد ، وأصحاب هذه الصفات الأربعة هم الذين يعمرون المساجد ، وهم أهل الاهتداء إلى الخير والصراط المستقيم.
٣ ـ دل قوله : (وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ) على أنه ينبغي لمن بنى مسجدا أن يخلص لله في بنائه ، وألا يقصد الرياء والسمعة.
والأصح أنه يجوز استخدام الكافر في بناء المساجد ، والقيام بأعمال لا ولاية له فيها ، كنحت الحجارة والبناء والنجارة ، فهذا لا يدخل في المنع المذكور في الآية ، إنما المنع موجه إلى الولاية على المساجد والاستقلال بالقيام بمصالحها ، مثل تعيينه ناظر المسجد أو ناظر أوقافه. وقيل : إن الكفار ممنوعون من عمارة مساجد المسلمين مطلقا.
ولا مانع أيضا من قيام الكافر ببناء مسجد أو المساهمة في نفقاته ، بشرط ألا
__________________
(١) هكذا ذكره الكشاف ، والمشهور على الألسنة «الكلام المباح في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب» (كشف الخفا ١ / ٣٥٤).