دليلا ملموسا على الناس يوم القيامة ، يقصد منه أن يصدر الجهاد عنهم فعلا ، ويظهر المجاهدون ويتميزوا عن المنافقين ، بدليل قوله تعالى في آخر الآية : (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) أي عالم ، مطلع على كل شيء ، محيط به علما ، وما لا يعلم الله وجوده فلا وجود له.
ونظير الآية في الاختبار قوله تعالى : (الم. أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا : آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ، وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) [العنكبوت ٢٩ / ١ ـ ٣].
ونظير الآية في اتخاذ الوليجة أو البطانة قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ، لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ ، لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً ، وَدُّوا ما عَنِتُّمْ ، قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ ، وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) [آل عمران ٣ / ١١٨].
والخلاصة : أن الله تعالى لما شرع لعباده الجهاد ، بيّن حكمته ، وهي اختبار عبيده ، من يطيعه ممن يعصيه ، وهو تعالى قبل ذلك وبعده العالم بما كان ، وما يكون ، وما لم يكن.
فقه الحياة أو الأحكام :
تبين من الآية أن المكلف لا يتخلص من العقاب إلا بأمرين :
الأول ـ أن يعلم الله الذين جاهدوا منكم ، عن طريق إظهارهم في الواقع ، وتمييزهم بين الناس.
الثاني ـ أن يكون المجاهد مخلصا ، باطنه وظاهره سواء ، لا منافقا ، باطنه خلاف ظاهره ، وهو الذي يتخذ بطانة أو وليجة من المشركين ، يخبرهم بأسرار المسلمين ، ويعلمهم بأمورهم ، فليس كل مجاهد مخلصا ، وليس الغرض من إيجاب القتال القتال نفسه فقط ، بل الغرض الإتيان به على وفق أمر الله وحكمه.