تعالى؟ فقال النّبي صلىاللهعليهوسلم : إن الله لا يقبل إلا الطيب ، فأنزل الله تعالى تصديقا لرسولهصلىاللهعليهوسلم : (قُلْ : لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
وفي رواية أخرى : «إن الله عزوجل حرّم عليكم عبادة الأوثان وشرب الخمر والطعن في الأنساب ، إلا إن الخمر لعن شاربها وعاصرها وساقيها وبائعها وآكل ثمنها ، فقام إليه أعرابي فقال : يا رسول الله ، إني كنت رجلا كانت هذه تجارتي ، فاقتنيت من بيع الخمر مالا ، فهل ينفعني ذلك المال إن عملت فيه بطاعة الله؟ فقال له النّبي صلىاللهعليهوسلم : إن أنفقته في حج أو جهاد أو صدقة لم يعدل عند الله جناح بعوضة ، إن الله لا يقبل إلا الطيّب» (١).
المناسبة :
حذرنا الله تعالى في الآية السابقة من انتهاك حرمة أربعة أشياء ببيان سعة علم الله المحيط بكل شيء ، ثم نبّه في هذه الآيات على عقوبة المخالفة ، وأن الرسول لا يملك الهداية والتوفيق ولا الثواب ، وإنما عليه البلاغ ، وأن الحكمة والعدل يقضيان بالتمييز بين الطيب والخبيث أو البر والفاجر.
التفسير والبيان :
اعلموا أيها الناس أن الله الذي لا تخفى عليه خافية ، شديد العقاب لمن خالف أوامره فأشرك بالله وفسق وعصى ربه ، وهو غفار لذنوب من أطاعه رحيم به ، فلا يؤاخذه بما سبق إيمانه ولا بما عمل من سوء بجهالة ثم تاب وأصلح عمله. وهذا يقتضي أن الإيمان لا يتم إلا بالرجاء والخوف ، وأنه تعالى لم يخلقنا عبثا ، بل لا بد من جزاء العاصي ، وإثابة الطائع.
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي : ص ١٢٠ ، وللسيوطي.