الحنفية على أنه لا حدّ بشرب الأشربة المسكرة غير الخمر إلا بالإسكار ، لحديث علي فيما رواه العقيلي : «حرمت الخمر بعينها ، والسّكر من كل شراب» إلا أنه حديث معلول ، أو موقوف على ابن عباس.
وإذا صار النبيذ (نبيذ التمر والزبيب) مسكرا صار حراما ، فإن لم يتخمر ولم يسكر كالخشاف الطبيعي بنقعه في فترة يومين مثلا فهو حلال.
والميسر حرام أيضا ، وكل شيء من القمار فهو من الميسر ، حتى لعب الصبيان بالجوز ، وورد عن علي رضياللهعنه أنه قال : «الشطرنج من الميسر» وكذا النرد إذا كان على مال ، فإذا لم يكن الشطرنج أو النرد على مال فإن الجمهور حرموه أيضا لأنه موقع في العداوة والبغضاء ، وصادّ عن ذكر الله وعن الصلاة ، وكره الشافعي الشطرنج ؛ لما فيه من إضاعة الوقت.
والأنصاب التي هي حجارة حول الكعبة رجس ؛ لأنهم كانوا يعظمونها ويذبحون عندها القرابين.
وكذا الأزلام رجس ؛ لأنهم كانوا يستقسمون بها ، وقد تقدم شرحها في الآية (٣) من سورة المائدة.
والرجس : القذر حسا ومعنى ، عقلا وشرعا ، والخمر وما ذكر بعدها موصوف بهذا الوصف ، مما يقتضي التحريم ، وتأكد ذلك بالأمر باجتناب الرجس ، وبقوله : (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي راجين الفلاح بهذا الاجتناب.
وتحريم الخمر والميسر من عدة نواح : صدّرت الجملة بإنما المفيدة للحصر ، وقرنا بالأصنام والأزلام وهي شنيعة قبيحة شرعا وعقلا ، وسميا رجسا من عمل الشيطان ، وذاك غاية القبح ، وأمر باجتناب أعيانهما وهو أشد تنفيرا من مجرد النهي أو لفظ التحريم ، ثم جعل اجتنابهما سببا للفلاح والفوز ، ثم بيّن الله مضار