الآية ، لسبق علم الله بعدم إيمانهم ، فأنا أعلم أنها إذا جاءت لا يؤمنون بها ، وأنتم لا تدرون بذلك.
(وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ ..) أي وما يشعركم أنا نحوّل قلوبهم عن إدراك الحق والإيمان وأبصارهم عن إبصاره ، ونحول بينهم وبينه ، فلا يدركونه ، ولو جاءتهم كل آية. فلا يؤمنون ، كما حلنا بينهم وبين الإيمان أول مرة حين أتتهم الآيات التي عجزوا عن معارضتها مثل القرآن وغيره ؛ لتمام إعراضهم عن إدراك الحقائق ، كما قال تعالى : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ ، فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ، لَقالُوا : إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا ، بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) [الحجر ١٥ / ١٤ ـ ١٥].
والحقيقة أن من لم يقنعه ما ورد في القرآن من الأدلة العقلية والبراهين العلمية ، لا تقنعه الآيات الحسية التي يشاهدها.
وما يشعركم أيضا أنا نذرهم في طغيانهم ، أي نخليهم وشأنهم ، لا نكفهم عن الطغيان أي تجاوز الحد ، ونتركهم يترددون في طغيانهم متحيرين فيما سمعوا ورأوا من الآيات ، أهو الحق المبين أم السحر الخادع؟
فقه الحياة أو الأحكام :
المؤمنون منهيون عن مجاراة الكفار ومبادلتهم السباب والشتم والقبائح ، سدا لذرائع الفساد ، ومنعا من الوقوع في المفسدة ، وإن كانت هناك مصلحة مرتجاة ، وقصد ثواب ، فذلك مرجوح وقليل أمام الجرم الأعظم وهو سب الله ، والمفسدة الأغلب. وفي هذا تهذيب أخلاقي ، وسمو إيماني ، وترفع عن مجاراة السفهاء الذين يجهلون الحقائق ، وتخلو أفئدتهم من معرفة الله وتقديسه.
وحكم الآية ـ كما ذكر العلماء ـ باق في الأمة على كل حال ، فمتى كان الكافر في منعة وغير خاضع لسلطان الإسلام والمسلمين ، وخيف أن يسبّ الإسلام أو النّبيصلىاللهعليهوسلم أو الله عزوجل ، فلا يحل لمسلم أن يسبّ صلبانهم ولا دينهم