[ص ٣٨ / ٢٦] وقال في داود وسليمان : (وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً) [الأنبياء ٢١ / ٧٩].
ومنهم من أوتي الحكم والنبوة كالأنبياء الذين حكموا بالتوراة ، ومنهم من لم يؤت إلا النبوة فقط.
فإن يكفر بالكتاب والحكم والنبوة هؤلاء المشركون من أهل مكة ، فقد وكلنا برعايتها وعنايتها ، ووفقنا للإيمان بها قوما كراما ليسوا بها بكافرين ، آمنوا بها وعملوا بأحكامها ودعوا الناس إليها ، آمن بعضهم فورا ، وسيؤمن بعضهم بعدئذ. أخرج ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ) يعني أهل مكة ، يقول : إن يكفروا بالقرآن ، فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين ، يعني أهل المدينة والأنصار (١).
والأصح أن المراد بالموكلين بها هم أصحاب النّبي صلىاللهعليهوسلم مطلقا. ثم ربط الله تعالى بين هؤلاء الأنبياء وخاتم النبيين ، فقال : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ ...) أي أولئك الأنبياء المذكورون الثمانية عشر الذين آتاهم الله الكتاب والحكم والنبوة ، وما أضيف إليهم من الآباء والذرية والإخوان هم أهل الهدى الكامل من الله ، لا غيرهم ، فبهداهم اقتده ، أي اقتد واتبع هداهم في الدعوة إلى توحيد الله وعبادته والأخلاق الحميدة.
وإذا كان هذا أمرا للرسول صلىاللهعليهوسلم ، فأمته تبع له فيما يشرعه ويأمرهم به. قال البخاري عند هذه الآية بسنده عن مجاهد أنه سأل ابن عباس : أفي ص سجدة؟ فقال : نعم ، ثم تلا : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) إلى قوله : (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) ثم قال : هو منهم.
__________________
(١) تفسير الطبري : ٧ / ١٧٥