لا يخافون الله عزوجل ؛ أي كيف أخاف ميتا وأنتم لا تخافون الله القادر على كل شيء؟! قال ابن عباس وغيره عن قوله (سُلْطاناً) أي حجة ، أي لا دليل يثبته ، كقوله تعالى : (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ) [الشورى ٤٢ / ٢١] وقوله تعالى: (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) [النجم ٥٣ / ٢٣].
وإذا كان هذا هو الحقيقة والواقع ، فأي الفريقين : فريق الموحدين وفريق المشركين أحق بالأمن من عذاب الله يوم القيامة ، وأجدر بالأمن وعدم الخوف على نفسه في الدنيا من جراء عقيدته؟ أي الطائفتين أصوب؟ الذي عبد من بيده الضر والنفع ، أو الذي عبد من لا يضر ولا ينفع بلا دليل؟ والتصريح بالفريقين دون الاكتفاء بقول : (فأينا أحق بالأمن) للدلالة على أن هذه المقابلة عامة لكل موحد ومشرك ، لا خاصة لهم ، وللبعد عن تخطئتهم صراحة حتى لا ينفروا من الإصغاء ، ويلجأوا إلى العناد.
إن كنتم تعلمون ، أي إن كنتم على علم وبصيرة بهذا الأمر ، فأخبروني بذاك ، وفي هذا دفع لهم إلى الاعتراف بالحق.
ثم أجاب الله تعالى عمن هو أحق بالأمن فقال : (الَّذِينَ آمَنُوا ...) أي الذين صدقوا بوجود الله ووحدانية ، وأخلصوا العبادة لله وحده لا شريك له ، ولم يشركوا به شيئا ، ولم يخطوا إيمانهم بمعصية تفسقهم ، هم الآمنون يوم القيامة ، المهتدون في الدنيا والآخرة.
روى أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن عبد الله بن مسعود قال : لما نزلت : (وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) قال أصحابه : وأينا لهم يظلم نفسه ، فنزلت : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) هذه رواية البخاري. وأما رواية الإمام أحمد : «لما نزلت هذه الآية : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) شق ذلك