(وَجَّهْتُ وَجْهِيَ) قصدت بعبادتي وطلب حاجتي وجه الله وحده ، مع إخلاص العبودية. (فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أخرجهما إلى الوجود أو أبدعهما أو خلقهما لا على مثال سابق. (حَنِيفاً) مائلا عن الضلال والشرك إلى الدين القيم.
المناسبة :
ذكر الله تعالى هنا قصة إبراهيم مع أبيه آزر في إبطال الوثنية ، للاحتجاج على مشركي العرب ، لأن جميع الطوائف والملل تعترف بفضله ، فالمشركون يقرّون بأنهم من أولاده ويعترفون بفضله ، ويدّعون أنهم من ملته ، واليهود والنصارى كلهم معظمون له ، معترفون بجلالة قدره ، وإذا كان إبراهيم يجادل قومه ويناقشهم في عبادة الأوثان ، مرة بعد مرة ، فعلى العرب أحفاده أن يرجعوا عن غيهم ، ويدركوا خطأهم في عبادة الأوثان.
التفسير والبيان :
واذكر يا محمد إذ قال إبراهيم لأبيه آزر : أتتخذ أصناما آلهة ، تعبدها من دون الله؟! مع أن الله هو الذي خلقك وخلقها ، فهو المستحق للعبادة دونها.
قال ابن كثير : والصواب أن اسم أبيه آزر.
إني أراك وقومك الذين يعبدون هذه الأصنام ، أي السالكين مسلكك والسائرين على طريقتك ، في ضلال واضح ، أي تائهين ، لا يهتدون إلى الطريق القويم الذي يسلكونه ، بل هم في حيرة وجهل ، وأمركم في الجهالة والضلال بيّن واضح لكل ذي عقل سليم ، وأي ضلال أوضح من عبادتكم صنما من حجر أو شجر أو معدن ، تنحتونه بأيديكم ، ثم تعبدونه وتقدسونه ، كقوله تعالى : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ. وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ؟) [الصافات ٣٧ / ٩٥ ـ ٩٦] وأنتم أسمى من الصنم شأنا ، وأعلى مكانة ، فأنتم تعقلون ، والأصنام صماء لا تعقل ولا تدفع عن نفسها الضر ، ثم تتخذونهم آلهة معبودة؟!