الملك الذي نفخ فيه ، ثم ينفخ فيه مرة أخرى ، فإذا الكل قيام ينظرون ، أي ينتظرون ما سيفعل بهم ، فالنفخة الأولى للإماتة ، والثانية للنشر والحشر.
وقوله : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) إما بدل من قوله : (وَيَوْمَ يَقُولُ : كُنْ فَيَكُون يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) وإما ظرف لقوله : (وَلَهُ الْمُلْكُ) كقوله تعالى : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ، لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر ٤٠ / ١٦] أي أن الملك يوم الحشر والنشر من القبور يوم النفخ في الصور لله تعالى وحده.
أما الصور فالمراد به ما جاء في الأخبار الصحيحة ، روى أحمد عن عبد الله بن عمرو قال : قال أعرابي : يا رسول الله ما الصور؟ قال : «قرن ينفخ فيه». وروى مسلم عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن إسرافيل قد التقم الصور ، وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر ، فينفخ». وقال ابن مسعود : «الصور كهيئة القرن ينفخ فيه».
والنفخات ثلاث كما جاء في حديث الصور عن أبي هريرة : «ينفخ فيه ثلاث نفخات : النفخة الأولى : نفخة الفزع ، والثانية : نفخة الصعق ، والثالثة : نفخة القيام لرب العالمين.» (١).
ومن صفاته تعالى : أنه عالم الغيب (أي ما غاب عنا) والشهادة (عالم الحس الذي نراه) وعن ابن عباس : الغيب والشهادة : السرّ والعلانية. وهو الحكيم في خلقه ، فلا يفعل ولا يشرع لعباده إلا ما فيه الحكمة والمصلحة ، وهو الخبير بأحوالهم المطلع على سرائرهم أو نياتهم أو ضمائرهم ، وأقوالهم.
وإذا كان الله هو المتصف بهذه الصفات : خالق السموات والأرض ، وقوله الحق تكوينا وتكليفا ، وله الملك وحده في الدنيا والآخرة يوم يحشر الخلائق ،
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٢ / ١٤٦