وأمرنا أيضا بالتقوى : وهي اتقاء ما يترتب على مخالفة دين الله وشرعه ، أي نحن مأمورون بأمور ثلاثة : هي الإخلاص لله دون إشراك ، وإقامة الصلاة وعبادة الله وحده دون غيره ، والتقوى في جميع الأحوال ، سرا وعلنا ، فهو الذي إليه تحشرون أي تجمعون يوم القيامة ، وإليه وحده المرجع والمآب ، فيحاسبكم على أعمالكم ، ويجازيكم عليه ، فليس من العقل ولا من الحكمة ولا من المصلحة أن يعبد غيره.
والله هو خالق السموات والأرض ومالكهما ومدبرهما ومن فيهما ، وخلقه قائم على الحق والعدل والحكمة : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ، ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِ) [الدّخان ٤٤ / ٣٨ ـ ٣٩] ، (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) [آل عمران ٣ / ١٩١].
وقوله هو الحق أي قضاؤه هو الحق ، حين يقول للشيء يوم القيامة : (كُنْ فَيَكُونُ) وأمره كلمح البصر أو هو أقرب. ويوم يقول : منصوب إما عطفا على قوله : (وَاتَّقُوهُ) وتقديره : واتقوا يوم يقول : (كُنْ فَيَكُونُ) وإما على قوله : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أي وخلق يوم يقول : (كُنْ فَيَكُونُ).
وأمره التكويني : (كُنْ) وأمره التكليفي سواء : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) [الأعراف ٧ / ٥٤]. ومن كان أمره التكويني مطاعا ، كان أمره التكليفي كذلك واجب الطاعة ، فالخلق حق ، والأمر حق.
ولله الملك المطلق والتصرف التام في ملكه. وقوله تعالى : (قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ) جملتان محلهما الجر ، على أنهما صفتان لرب العالمين.
ويوم ينفخ في الصور يصعق كل من في السموات والأرض ، ويهلك حتى