بِالظَّالِمِينَ) ثم ذكر هنا مدى سعة علمه وقدرته ، فعنده مفاتح الغيب ، وهو المتصرّف في الخلق أجمعين ، وهو القاهر فوق عباده ، وهو الحافظ المتوفي ، وهو المحاسب خلقه في أسرع وقت.
التفسير والبيان :
خزائن الغيب ومفاتيحها التي يتوصّل بها إلى علم الغيب عند الله ، وهو المتصرّف فيها ، وهو عالم الغيب والشهادة ، ولا يعلم بالغيب أحد سواه ، وينفذ منها ما يراه في الوقت المناسب لحكمته.
والغيبيات التي اختصّ الله بها خمس ، روى البخاري عن ابن عمر عن النّبيصلىاللهعليهوسلم قال : «مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)» [لقمان ٣١ / ٣٤].
وجاء في الخبر أن هذه الآية لما نزلت نزل معها اثنا عشر ألف ملك.
وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت : من زعم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخبر بما يكون في غد ، فقد أعظم على الله الفرية ، والله تعالى يقول : (قُلْ : لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) [النمل ٢٧ / ٦٥].
وفي معناها أيضا قوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ ، فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) [الجن ٧٢ / ٢٦ ـ ٢٧].
ويعلم سبحانه حديث النفس ، ويعلم السر وأخفى ، فقال : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ. وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [النمل ٢٧ / ٧٤ ـ ٧٥] وقال : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر ٤٠ / ١٩].