(لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ ، وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [التحريم ٦٦ / ٦].
وأما القائلون بتفضيل بني آدم على الملائكة فاستدلّوا بقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) [البيّنة ٩٨ / ٧] بالهمز : من برأ الله الخلق ، وبقوله عليه الصّلاة والسّلام فيما أخرجه أبو داود : «وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم» وبما جاء في أحاديث من أن الله تعالى يباهي بأهل عرفات الملائكة ، ولا يباهي إلا بالأفضل (١).
٤ ـ إنه لا يملك حساب المؤمنين ولا جزاءهم.
٥ ـ لا يعمل إلا بالوحي ، أي لا يقطع أمرا إلا إذا كان فيه وحي. وبهذا تمسّك القائلون بأنه لم يكن للنّبي صلىاللهعليهوسلم الاجتهاد ، بل جميع أحكامه صادرة عن الوحي ، ويتأكد هذا بقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) [النّجم ٥٣ / ٣ ـ ٤] ، وقال نفاة القياس : وإذا كان لا يعمل إلا بالوحي ، فوجب ألا يجوز لأحد من أمته أن يعملوا إلا بالوحي النّازل عليه.
والصحيح لدى الأصوليين أن الأنبياء يجوز منهم الاجتهاد ، والقياس على المنصوص ، والقياس أحد أدلّة الشرع. والأدلّة السابقة مخصوصة بالقرآن ، للرّدّ على من زعم أنّ محمداصلىاللهعليهوسلم يفتري القرآن من عند نفسه ، ولإثبات كون القرآن منزلا عليه بالوحي الإلهي.
٦ ـ مهمّة الرّسول كغيره من الرّسل الموصوفين بكونهم مبشرين ومنذرين : هي الإنذار لقوله تعالى : (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا).
٧ ـ الرّسول بحكم كونه بشرا مال فترة بحسب اجتهاده إلى إبعاد الفقراء والعبيد من مجلسه ، طمعا في إسلام الزعماء والقادة ، وإسلام قومهم ، ورأى أن
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١ / ٢٨٩ ، ٦ / ٤٣٠