(مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ مِنْ) : فيها وجهان : أحدهما ـ أن تكون وصفا لمصدر محذوف وتقديره : ولقد جاءك مجيء من نبأ المرسلين ، ويكون الفعل (جاءَكَ) دالا على المصدر المحذوف ، وهذا مذهب سيبويه. والثاني ـ أن تكون زائدة ، وتقديره : ولقد جاءك نبأ المرسلين ، وهو مذهب الأخفش.
(فَإِنِ اسْتَطَعْتَ) إن : شرط ، وجوابه محذوف ، وتقديره : إن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض فافعل ذلك.
البلاغة :
(كُذِّبَتْ رُسُلٌ) نوّن كلمة (رُسُلٌ) للتكثير والتفخيم.
المفردات اللغوية :
(قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ) قد : للتحقيق ، وإنه : الضمير للشأن (لَيَحْزُنُكَ) الحزن : ألم نفسي يحدث بسبب فقد محبوب ، أو امتناع مرغوب ، أو حدوث مكروه. الذين يقولون لك من التكذيب (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) في السر ، لعلمهم أنك صادق ، والتكذيب : الرمي بالكذب.
(بِآياتِ اللهِ) القرآن (يَجْحَدُونَ) الجحود : إنكار ما ثبت في القلب ، أو إثبات ما نفي فيه. (لِكَلِماتِ اللهِ) هي وعده ووعيده ، وعده للرسل بالنصر ، ووعيده لأعدائهم بالخذلان ، كما قال تعالى في إنجاز الوعد : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) [المجادلة ٥٨ / ٢١] وقوله : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ، وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) [الصافات ٣٧ / ١٧١ ـ ١٧٣] وقال عزوجل في إنزال الوعيد : (أَمْ يَقُولُونَ : نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ ، سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [القمر ٥٤ / ٤٤ ـ ٤٥] (نَبَإِ) النبأ : هو الخبر ذو الشأن العظيم (كَبُرَ) عظم وشق عليه وقعة (إِعْراضُهُمْ) الإعراض : التولي والانصراف عن الشيء رغبة عنه أو احتقارا له ، والمراد : إعراضهم عن الإسلام ، وقد كبر على الرسول صلىاللهعليهوسلم إعراضهم لحرصه عليهم (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ) صار في مقدورك باستكمال الأسباب التي تمكنك من فعله (أَنْ تَبْتَغِيَ) تطلب ما فيه كلفة ومشقة ، ويكون في الخير كابتغاء رضوان الله ، وفي الشر كابتغاء الفتنة (نَفَقاً) سربا في الأرض ، وهو حفرة نافذة لها مدخل ومخرج (أَوْ سُلَّماً) مصعدا أو مرقاة ، مأخوذ من السلامة ، لأنه الذي يسلمك إلى مكان صعودك ، وتذكيره أفصح من تأنيثه. (بِآيَةٍ) معجزة مما اقترحوا. المعنى : أنك لا تستطيع ذلك ، فاصبر حتى يحكم الله (وَلَوْ شاءَ اللهُ) هدايتهم (لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى) ولكن لم يشأ ذلك ، فلم يؤمنوا (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) بذلك ، الجهل هنا : ضد