والله ، لا وصلوا إليك بجمعهم |
|
حتى أوسّد في التراب دفينا |
فاصدع بأمرك ، ما عليك غضاضة |
|
وأبشر وقرّ بذاك منك عيبونا |
وعرضت دينا لا محالة أنه |
|
من خير أديان البرية دينا |
لو لا الملامة أو حذاري سبّة |
|
لوجدتني سمحا بذاك مبينا |
فأنزل الله تعالى (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ) الآية (١).
المناسبة :
لما بيّن الله تعالى أحوال الكفار في الآخرة وما يكونون عليه من اضطراب ، فمرة ينكرون الشرك ، وأخرى يقرون به ، أتبعه هنا ما يوجب اليأس من إيمان بعضهم.
التفسير والبيان :
من هؤلاء الكفار فريق يجيء ليستمع إلى قراءتك القرآن ، والحال أنه لا تجزي عنهم شيئا ، ولا يستفيدون شيئا ؛ لأنا قد جعلنا على قلوبهم أغطية لئلا يفقهوا القرآن ، وفي آذانهم ثقلا أو صمما عن السماع النافع لهم ، كما قال تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً) [البقرة ٢ / ١٧١]. أي إن إقامة الحواجز دون فهم القرآن وقبوله وتدبر معانيه ، كان بسبب التقليد الأعمى وإعراضهم الناشئ عن تصميم وحزم ألا ينظروا فيما يسمعون نظرة تأمل وإمعان ، ليميزوا بين الحق والباطل.
وهذا ما قررته الآية التالية : (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها) أي مهما رأوا من الآيات والدلالات والحجج البينات والبراهين لا يؤمنوا بها ، فلا فهم
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي ١٢٣