وتعجب من كذبهم الصريح ، بإنكارهم الشرك ، وكذبهم باليمين الفاجرة بإنكار ما صدر عنهم.
(وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) ثم انظر وتأمل أيضا كيف ذهب عنهم أو غاب عنهم ما كانوا يفترونه من الإشراك ، حتى إنهم بادروا إلى نفي حدوثه منهم.
ونظيره قوله تعالى : (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ : أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا : ضَلُّوا عَنَّا) [غافر ٤٠ / ٧٣ ـ ٧٤].
فقه الحياة أو الأحكام :
تضمنت الآيات مشهدين أو موقفين من مشاهد ومواقف الكفار.
المشهد الأول ـ أن أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى يعرفون ما يدلّ على صفة النّبي محمد صلىاللهعليهوسلم وصحة أمره ، وصدقه ، ورسالته ، ولكنهم قوم معاندون ، خسروا أنفسهم وضيعوا مصالحهم الحقيقية.
المشهد الثاني ـ أن المشركين عبده الأوثان ومنهم الذين اتخذوا عيسى إليها أو أبنا لله هم قوم ظلمة ، لافترائهم الكذب على الله بأن نسبوا إليه ما ليس له ، ولتكذيبهم بالمعجزات والبراهين الدالة على وحدانية الله وصدق محمد في نبوته.
ويحشر الجميع من المشركين وأهل الكتاب والمنافقين يوم القيامة ويسألون سؤال توبيخ وإنكار ، وسؤال إفضاح لا إفصاح عن الشركاء مع الله الذين زعموا أنهم شفعاء لهم عند الله ، فما يكون قولهم أو معذرتهم أو حجتهم أو عاقبة شركهم إلا التبرؤ من الشرك. وهذا غاية الكذب ، إذ ظللوا أنفسهم وزعموا أن الأصنام تقربهم إلى الله زلفى ، وكذب المنافقون باعتذارهم بالباطل ، وبكل ما كانوا يظنونه من شفاعة آلهتهم.