بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [المائدة ٥ / ٦٧]. وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو عن النّبي صلىاللهعليهوسلم : «بلّغوا عني ولو آية» وقال مقاتل : «من بلغه القرآن من الجن والإنس ، فهو نذير له».
ومما أوحي إلى النبي الذي ينذر به : أن القول بالتوحيد هو الحق الواجب ، وأن القول بالشرك باطل مردود.
وقد اشتدت حملة القرآن على الشرك والمشركين ، فوبخهم وقرعهم وأنكر عليهم في هذه الآية وغيرها اتخاذ آلهة أخرى مع الله ، وإن فرض أنهم طالبوا النبي بالشهادة على شركهم ، فإنه لا يشهد شهادتهم ، أو لا يشهد معهم. وإذ ثبت إبطال الشرك ، فالقول بالوحدانية هو الأمر المتعين ، والقول بتوحيد الله والبراءة عن الشرك هو ما يقوله النبي والمؤمنون.
وقد دل الكلام : (قُلْ : لا أَشْهَدُ ..) الآية على إيجاب التوحيد والبراءة عن الشرك من ثلاثة أوجه :
أولها ـ قوله : (قُلْ : لا أَشْهَدُ) أي لا أشهد بما تذكرونه من إثبات الشركاء.
وثانيها ـ قوله : (قُلْ : إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) وكلمة (إِنَّما) تفيد الحصر ، والواحد صريح في التوحيد ونفي الشركاء.
وثالثها ـ قوله : (إِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) فيه تصريح بالبراءة عن إثبات الشركاء(١).
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٢ / ١٧٩.