وأما سارق المصحف فيقطع إذا كانت قيمته ما تقطع فيه اليد ، وهو رأي الشافعي وأبي يوسف وأبي ثور وابن القاسم. وقال أبو حنيفة : لا يقطع من سرق مصحفا.
وأما الطرار (النشال) فقال مالك والأوزاعي والشافعي : يقطع. وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن وإسحاق : إن كانت الدراهم مصرورة في ظاهر كمّه فطرّها فسرقها لم يقطع ، وإن كانت مصرورة إلى داخل الكمّ ، فأدخل يده فسرقها قطع.
وأما إقامة الحدود في السفر وفي دار الحرب : فقال مالك والليث بن سعد : تقام الحدود في أرض الحرب ، ولا فرق بين دار الحرب والإسلام ؛ لعموم القرآن وهو الصحيح.
وقال أبو حنيفة : إذا غزا الجند أرض الحرب ، وعليهم أمير ، فإنه لا يقيم الحدود في عسكره ، إلا أن يكون إمام مصر أو الشام أو العراق أو ما أشبهه ، فيقيم الحدود في عسكره ، لحديث جنادة بن أبي أمية عند الترمذي قال : «كنا مع بسر بن أرطاة في البحر ، فأتي بسارق يقال له : مصدر قد سرق بختية (١) ، فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا تقطع الأيدي في الغزو» ولو لا ذلك لقطعته.
واتفق العلماء على أنه إذا اشترك جماعة في سرقة ، فحصل لكل واحد منهم نصاب ، فيقطع الكل. أما إذا كان المسروق كله نصابا ، فلا يقطع أحد في رأي أبي حنيفة والشافعي ؛ لأن كل واحد منهم لم يسرق نصابا. وقال المالكية : إن كان لكل واحد قدرة على حمله بانفراده ، لا يقطع أحد ، وإن احتاجوا في إخراجه إلى تعاون بعضهم ، فيقطعون جميعا.
__________________
(١) البختية : الأنثى من الجمال البخت ، وهي جمال طوال الأعناق.