وقال الحنابلة : يقطعون جميعا ، لضرورة حفظ المال.
وإن اشترك اثنان في نقب وتعاونا فيه ، قطعا عند المالكية والحنابلة ، وإن انفرد أحدهما بالإخراج فالقطع عليه خاصة ، وقال أبو حنيفة : إن شارك في النقب ودخل وأخذ قطع وإلا فلا قطع. وقال الشافعي : لا قطع على من نقب ولم يسرق ، وأما من سرق من نقب غيره ، فإنه سرق من حرز مهتوك الحرمة. ولو دخل أحدهما فأخرج المتاع إلى باب الحرز ، فأدخل الآخر يده فأخذه ، فعليه القطع عند الجمهور ، ولا قطع عليه عند أبي حنيفة.
وإن أخطأ الحاكم فقطع يد السارق اليسرى بدل اليمنى ، لا يزاد عليه ، استحسانا ، في قول أكثر العلماء.
وإذا وجب حد السرقة فقتل السارق رجلا ، فقال مالك يقتل ويدخل القطع فيه. وقال الشافعي : يقطع ويقتل ؛ لأنهما حقان لمستحقين ، فوجب أن يوفى لكل واحد منهما حقه ، وهذا هو الصحيح ، كما اختار ابن العربي والقرطبي.
والحكمة في البدء بالسارق قبل السارقة في هذه الآية ، وفي الزنى بالزانية قبل الزاني : هو أن حب المال على الرجال أغلب ، وشهوة الاستمتاع على النساء أغلب ، فبدأ بما تكون الدواعي منه أكثر على ارتكاب الجرم.
والمستفاد من قوله تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : هو أنه لا قرابة بين الله تعالى وبين أحد توجب المحاباة حتى يقول قائل : نحن أبناء الله وأحباؤه ، والحدود تقام على كل من يقارف موجب الحد أي يرتكب الجرم. وقد سبق مثل هذه الجملة في الرد على مزاعم اليهود والنصارى.