عنكم بأن ثبّطناهم عنكم ، وألقينا في قلوبهم الرعب والخوف ، فأحجموا عن قتالكم ، وتوانينا في مظاهرتهم عليكم ، فهاتوا نصيبا لنا مما أصبتم.
والسبب في تسمية ظفر المسلمين فتحا وظفر الكافرين نصيبا : هو تعظيم شأن المسلمين ، وتخسيس حظ الكافرين ؛ لأن ظفر المسلمين أمر عظيم تفتح لهم أبواب السماء حتى ينزل على أولياء الله ، وأما ظفر الكافرين فما هو إلا حظ دني ، ولمظة من الدنيا يصيبونها ، كما قال الزمخشري (١).
ثم حسم الله الموقف بين المؤمنين والمنافقين فقال : فالله يحكم بينكم أيها المؤمنون الصادقون والمنافقون الكاذبون ، يوم القيامة ، فيجازي كلا على عمله ، فيدخل المؤمنين الجنة ، ويدخل المنافقين النار.
ثم قطع الله تعالى أي أمل يتعلق به الواهمون المنافقون فقال : ولن يمكّن الله الكافرين من استئصال شأفة المؤمنين بالكلية ما داموا متمسكين بشرع الله ودينه ، وإن حصل لهم ظفر أحيانا فهو نصر موقوت ؛ لأن العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم ٣٠ / ٤٧](إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) [محمد ٤٧ / ٧].
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ إذا آمن الكافر غفر له كفره السابق ، فإذا رجع فكفر ، لم يغفر له الكفر الأول ، لما
ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال : قال أناس لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله ، أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال : أمّا من أحسن منكم في الإسلام ، فلا يؤاخذ بها ، ومن أساء أخذ بعمله في الجاهلية
__________________
(١) الكشاف : ١ / ٤٣١