والتعاون. وكل ذلك دليل على القدرة الإلهية الباهرة التي تستوجب التقوى ، وتحذر من العقاب ، كما أن نعمة القرابة تدعو إليها عرفانا بالوفاء وقياما بحق الشكر ؛ لأن القرابة دعم وصلة وتعاطف وود ومحبة تشعر الإنسان بالسعادة ، وتجعله يحس بالقوة المعنوية في المجتمع ، فيسر بسرور أسرته ويحزن بحزنها ، وقد قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه أحمد والحاكم عن المسور : «فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ، ويبسطني ما يبسطها ..».
وفي التذكير بالأصل الإنساني الواحد دلالة على وجوب التزام حدود الإنسانية ، وأن الإنسان أخ الإنسان أحب أم كره ، والأخوة تقتضي المسالمة والتعاون ونبذ المحاربة والخصومة والتقاطع.
والمقصود بالنفس الواحدة في رأي جمهور العلماء : آدم عليهالسلام الذي هو أبو البشر ، وأنه ليس هناك سوى آدم واحد ، أما من يدعي وجود أوادم قبله ، فهو يصادم ظواهر القرآن الكريم.
والمقصود بالزوج هو حواء ، وقد خلقت من ضلع آدم الأيسر ، وهو نائم ، فاستيقظ ، فرآها فأعجبته ، وأنس إليها وأنست إليه ، بدليل الحديث الصحيح عند الشيخين أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «استوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن خلقن من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج».
وذهب بعض العلماء كأبي مسلم الأصفهاني إلى أن المراد : أنه خلق من جنسها زوجها ، فهما من جنس واحد ، وطبيعة واحدة ، وأي فائدة من خلقها من الضلع ؛ لأنه سبحانه وتعالى قادر على خلقها كآدم من التراب؟ واستدل بقوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها) [الروم ٣٠ / ٢١] أي من جنسكم ، مثل قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ) [الجمعة ٦٢ / ٢] أي من جنسهم ، ومثل : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) [التوبة ٩ / ١٢٨].